عضو هيئة دفاع الرئيس السابق يعقوب السيف يقدم نماذج من الدفوع التى تقدمت بها الهيئة

ثلاثاء, 21/10/2025 - 15:23

عضو فريق دفاع رئيس الجمهورية السابق/ يعقوب ولد السيف

(المادة 545/ ق.إ.ج):"لا يجوز أن يبنى الطعن بالنقض إلا على أحد الأوجه التالية:
1-عدم الاختصاص؛
2- تجاوز السلطة؛
3- مخالفة قواعد جوهرية في الإجراءات؛
4- انعدام أو قصور الأسباب؛
5- عدم البت في وجه الطلب أو أحد طلبات النيابة العامة؛ 
6- تناقض القرارات القضائية الصادرة من جهات قضائية مختلفة في آخر درجة أو التناقض في ما قضى به الحكم نفسه؛
7- مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه؛
8- انعدام الأساس القانوني.؛
يجوز للمحكمة العليا أن تثير من تلقاء نفسها الأوجه السابقة الذكر" 
خالطت جميع أوجه الطعن هذه القرار :054/2025، بتاريخ :14-05-2025، وهذه نماذج من ما تقدم به فريق دفاع رئيس الجمهورية السابق بشأنها:

عمل هيئات البحث والتحقيق والحكم I
أوجه الطعن بالنقض: عدم الاختصاص-خرق الدستور-تجاوز السلطة
حيث حددت (المادة 43) من الدستور دور رئيس الجمهورية في تحديد السياسة العامة للدولة ومسئولية الحكومة في تنفيذ تلك السياسة بنصها على: "تسهر الحكومة على أعمال السياسة العامة للدولة طبقا للتوجيهات والاختيارات المحددة من قبل رئيس الجمهورية."؛
وحيث حددت الفقرة الأخيرة من نفس المادة، البرلمان كجهة وحيدة لمساءلة الحكومة عندما يتعلق الأمر بقيامها بتنفيذ السياسة العامة للدولة:" وهي مسئولة أمام البرلمان حسب الشروط وطبقا للإجراءات المنصوص عليها في المادتين 74 و75 من هذا الدستور."
وحيث إنه لا حديث في الحكم الابتدائي والقرار الطعين إلا عن أوامر من رئيس الجمهورية للوزراء والمديرين:
- فقد ورد في (الصفحة 85/السطر 3) من الحكم :001/2023:" حيث إنه بالجملة يمكن القول إنما قام به المتهم بصفته رئيسا للجمهورية عبارة عن أوامر للوزراء والمديرين"
- وفى القرار الطعين في (الصفحة 60/الفقرة الأولى) ورد:" أنه لا جدال في أن المتهم هو المصدر الفعلي لهذه الأوامر فضلا عن كونه ساعة إصدارها يمثل رأس الدولة"."...وقد اعترف أمام المحكمة المصدرة للحكم المستأنف بمسئوليته الكاملة عن ما يصدره من أوامر لوزرائه و مديريه ..."  
حيث إن عدم مسئولية رئيس الجمهورية عن التوجيهات والاختيارات التي يوجه بها العمل الحكومي تدخل في صميم تكليفه الدستوري كما تضمنته (المادة 43) آنفة الذكر؛
وحيث يستتبع ما تقدم أن لا يكون رئيس الجمهورية مسئولا عن تلك الأوامر باعتبار عدم مسئوليته عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته سبيلا للقيام بتكليفاته الدستورية حسب ما ورد في (المادة 93/جديدة)
وحيث إن المساءلة المتاحة بمناسبة أفعال يقوم بها رئيس الجمهورية بصفته وفى إطار مهامه، هي فقط تلك المتاحة لمحكمة العدل السامية، بشرط أن تتهمه الجمعية الوطنية بالخيانة العظمى؛ 
حيث إنه خارج تلك الحالة ومتى تعلق الأمر بأفعال أصلية وثيقة الصلة بقيام رئيس الجمهورية بتكليفاته تمتنع مساءلته مبدئيا، وبشكل مطلق على القضاء العادي.
وحيث ينتج عن ما تقدم أن تصدي القضاء العادي لتهم من قبيل ما تقدم يمثل تجاوزا صريحا للسلطة.
 
حول عمل التحقيق الابتدائي: II
أوجه الطعن بالنقض: مخالفة القانون-الخطأ في تطبيقه 
حيث أنجز عمل فريق التحقيق خارج ما وجه به المرسوم رقم:2017-017، بتاريخ:15 فبراير 2017، المحدد لإجراءات تنظيم وسير فرق النيابة العامة والتحقيق لمكافحة الفساد، من تعيين قاض مكلف بالتحقيق في الملف، جعلته (المادة 9) عنوانا لها:" تعيين القاضي المكلف بالتحقيق في مكافحة الفساد"، ونصت في متنها على التزامن اللحظي بين ذلك التعيين وطلب فتح التحقيق:
" يوجه طلب إجراء التحقيق الصادر عن وكيل الجمهورية والأوراق المرفقة إلى منسق الفريق من أجل تعيين القاضي المكلف بالتحقيق في الملف"
وهذا التعيين لا يكون شفاهة بل يجب أن يتمحض في أمر قانوني يتخذه منسق الفريق بالتشاور مع بقية الأعضاء، كما بينت (المادة 13) عند تعديدها لأدوار منسق فريق التحقيق:
" يعيٍن بأمر قانوني من بين أعضاء الفريق-بعد استشارة أعضاء الفريق الآخرين-القاضي المكلف بإدارة التحقيق.
يستقبل طلبات الأطراف ويرسلها عند الاقتضاء إلى القاضي المكلف بالتحقيق في الملف"؛ 
وحيث إن المنطق يمنع على منسق الفريق الذي أعطي دور تعيين القاضي المكلف بإدارة التحقيق أن يعين نفسه بأمر هو من يوقعه؛
وحيث إنه يشهد لذلك الفصل بين تنسيقية الفريق والتكليف بالتحقيق وجود قرارات توقع من الرئيس (منسق الفريق)، حصرت بنصي:
(المادة 11) في توقيع محاضر الجلسات.
وما تضمنت (المادة 11) من مسائل تداولية "الصفة الجماعية" متعلقة بأمور الحبس الاحتياطي ومنح الحرية المؤقتة والمصادرة التحفظية لممتلكات المتهم المنصوص عليها طبقا للمواد: 21و22 من القانون المتعلق بمكافحة الفساد؛
ووجود قرارات، في غير ما تقدم، وتشمل جميع إجراءات التحقيق ذات العلاقة، يكون القاضي المكلف بالقضية هو المعني بصفة فردية بالبت فيها. "القاضي الوحيد" حسب عنوان (المادة 10)؛ 
وحيث إن جميع ما اتخذ فريق التحقيق من إجراءات قانونية فى الملف صدر عن منسق الفريق وبصفته تلك، وليس من بينها أي إجراء موقع من قاض مكلف بإدارة التحقيق، لم يعين أصلا؛
وحيث يتأكد بذلك أنه في كامل عمل فريق التحقيق، لم تتم مراعاة المرسوم 2017-017، في ما يتعلق بالتمييز بين مجال قرارات "القاضي الوحيد " ومجال قرارات "الصفة الجماعية"؛
وحيث إن الظاهر من رد فريق التحقيق على طلب الدفاع، احترام القانون بتعيين قاض مكلف بالتحقيق أنه:
-  لا يضع أي اعتبار للتمييز بين المجالين؛ حيث اعتبر في (الصفحة 101/الأمر 076/2022 بالإحالة أمام المحكمة المختصة بالجرائم المتعلقة بالفساد) أن مطالبة من ذلك القبيل تعنى:" عدم فهم أو تغافل كيدي عن مهمة قطب التحقيق وصفته الجماعية في التحقيق." 
- أن المطالبة بالوقوف عند المقر قانونا من تنظيم لعمل فريق التحقيق بمناسبة الإشعار بختم التحقيق تعد:" عبثا بالإجراءات والطلبات"، وكأن فريق التحقيق يحتاج للالتزام قواعد تنظيم سيره أن تطلب الأطراف منه ذلك، أو أن التحقيق يحصن باكتماله!
- وحيث تم إضافة لذلك خرق المزاوجة التى تقيمها (المادة 10) من المرسوم بين سرية المداولات بالنسبة للمواضيع التداولية، وبين الحكم بالقرارات المتخذة بشأنها في جلسة علنية لم يعلن عنها أو يستدعى لها أو تنعقد أصلا.
فيكون مجمل ما اتخذ على مستوى فريق التحقيق من أوامر قد صدر مخالفا لمقتضيات المرسوم :2017-017، المعني بتحديد إجراءات تنظيم وسير فريق التحقيق لمكافحة الفساد.

 III حول تعاطى المحكمة الابتدائية مع نتيجة الدفع بعدم الدستورية المادة 47/ق.م. ف
أوجه الطعن بالنقض: تناقض القرارات القضائية - مخالفة الدستور والقانون النظامي:
لقد تعهدت هذه المحكمة على أساس الأمر رقم :076/2022، بتاريخ: 01 يونيو 2022، عن قطب التحقيق الخاص بمكافحة الفساد.
في جلسة: 13-02-2023، تقدم ذ. سيدي محمد فال باعتراض بعدم دستورية مواد قانونية منها: (المادة 47) من قانون مكافحة الفساد التي اعتبر العارض أنه: بعنونتها "الأفضلية" ونصها على تجسيد تلك الأفضلية من خلال نسبة معلومة من الأموال المستردة تقدم إغراء أو إغواء يؤثر على نزاهة قضاة التحقيق والحكم:
المادة 47: الأفضلية
"يخصص جزء من الأموال المستردة والمصادرة بموجب هذا القانون لا يتجاوز عشرة في المائة 10% لصالح الهيئات والتشكيلات المكلفة بالكشف والمتابعة والتحقيق والحكم في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
تمنح نفس الأفضلية للأشخاص المبلغين الذين أدى إبلاغهم إلى الكشف عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. 
سيحدد مرسوم الإجراءات التطبيقية للتوزيع والتنفيذ "؛
وحيث اتخذت المحكمة قرارا بتعليق البت في القضية ومنح الطاعن خمسة عشر (15) يوما للاستظهار أمامها بما يفيد تعهيده للمجلس الدستوري، ما يعنى أنها قدرت أن المقتضيات الطعينة تؤثر على مآل النزاع الذي تنظره، وأنها قبلت –وليس لها غير ذلك- الاحتكام للمجلس بشأن الحسم بدستوريتها وتأثيرها على الحقوق الدستورية للطرف الطاعن؛
وحيث إن الدفع بعدم الدستورية يحتاج ليصل مداه تحقق مجموعة من الشروط ورد بعضها في (المادة 86/ جديدة) من الدستور: 
- أن يكون الدفع بعدم الدستورية متفرعا من دعوى أصلية مثارة أمام المحكمة.
- أن يتوقف على القانون موضوع الدفع الحسم بشأن مآل النزاع.
- افتراض كون القانون يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور. 
 والبعض الآخر فى (المادة 4) من القانون النظامي: 2018/013، بتاريخ: 15 فبراير 2018:
- أن يكون الدفع من خلال عريضة موجهة إلى كتابة المجلس.
- أن يتم ذلك خلال خمسة عشر يوما من إثارة الاعتراض أمام المحكمة؛
وحيث إن قبول المجلس للدفع يعنى تحقق تلك شروط بما فيها شرط توقف الحسم في النزاع على المقتضيات موضوع الدفع؛
وحيث نزل المجلس الدستوري في قراره رقم:007/2023، بتاريخ:06 مارس2023، على وجاهة ما دفع به العارض؛ فنص في قراره هذ أنه: 
 "حيث إن المادة 90 من الدستور تنص على ضرورة حماية القاضي من كل أشكال الضغط التي تمس نزاهة حكمه، وبما أن استفادة هيئات التحقيق والحكم من الأموال المستردة من شأنه أن يمس من حماية القاضي في نطاق مهمته، فإن تخصيص جزء من الأموال لهيئات التحقيق والحكم يخالف مقتضيات المادة 90 من الدستور."
وحيث إنه رغم ذلك، قررت المحكمة استئناف جلساتها ابتداء من يوم الإثنين 20-03-2023، وذلك خمسة أيام من صدور عدد الجريدة الرسمية رقم :1529، بتاريخ:15 مارس 2023، الذي نشر فيه قرار المجلس الدستوري رقم:007/2023، المتضمن قبول الدفع، وفي المادة الثالثة منه التصريح بعدم دستورية المقتضيات في (المادة 47) من قانون مكافحة الفساد التي تخصص لهيئات التحقيق والحكم نسبة من الأموال المستردة. وهي المقتضيات التي تم في ظل سريانها إنجاز فريق التحقيق لتحقيقه المتوج بأمر الإحالة المعهد للمحكمة؛ ما يعنى أن المجلس الدستوري قد وجد أن الوعد بالاستفادة من الأموال المستردة بما يمثله من ضغط على نزاهة قضاة التحقيق ويمس بالتبعية بالحقوق الجوهرية للعارض؛ 
وحيث إنه بذلك يترتب على تعاطى المحكمة مع هذا الدفع ما يكفي لنقض قرارها المؤكد على مستوى الاستئناف، من الوجوه التالية:
ا-انعدام التسبيب:
حيث أقدمت المحكمة على:" رفض الدفع ببطلان الإجراءات السابقة في الملف قبل الحكم بعدم دستورية المادة 47 من قانون مكافحة الفساد."، وذلك دون تقديم أي تعليل لقرارها ذلك، بما يؤدي إلى عدم تمكين محكمتكم الموقرة من ممارسة مراقبتها أو معرفة ما إذا كان القانون قد احترم "(المادة 547/ق.إ. ج)؛
ب- التناقض داخل قرارات المحكمة: بين 
- قرارها بتمكين الطاعن من تقديم دفعه أمام المجلس الدستوري، الذي يجعلها معنية ولائيا بنتيجة الدفع.
- وقرارها ب:"رفض الدفع المقدم من طرف دفاع المتهم محمد ولد عبد العزيز اعلي المتضمن بطلان الإجراءات السابقة في الملف قبل الحكم بعدم دستورية المادة 47من قانون مكافحة الفساد"(ص13/ الحكم 001/2023)
ج-مخالفة القانون(الدستور):
حيث يمثل تغاضيها عن ما جاء به قرار الدستوري:007/2023، خرقا للدستور لما نصت عليه (المادة 87) من أنه:" لا يصدر أو ينفذ حكم قرر المجلس الدستوري عدم دستوريته.
تتمتع قرارات المجلس الدستوري بسلطة الشيء المقضي به.
لا يقبل أي طعن في قرارات المجلس الدستوري وهي ملزمة للسلطات العمومية وجميع السلطات الإدارية والقضائية." 

حول تشكيلة محكمة الاستئناف: IV
أوجه الطعن بالنقض: مخالفة قواعد جوهرية في الإجراءات (عدم الفصل بين سلطتي الحكم والادعاء) - خرق القانون
حيث تعهدت الغرفة الجزائية الجنائية في الملف من حين تقديم أول استئناف للحكم:01/2023، أي بتاريخ :05- 12- 2023، فيكون القاضي الطبيعي للنظر في الملف هو رئيس وتشكيلة تلك الغرفة حينها المتمتعين بميزات نسبية من قبيل:
- لا شبهة في تعالق تعيينهم بوصول الملف إلى الغرفة.
-وعدم تقاطعهم مع مسار استئنافات وطعون ذلك الملف؛
وحيث إنه في اجتماع المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ: 20 ديسمبر 2023، أي بعد وصول الملف للغرفة الجزائية الجنائية - وملف عن ملف يختلف - تم تعيين حضرة القاضي: (...) رئيسا لتلك الغرفة، ما يجعله وبشكل مبدئي ليس القاضي الطبيعي للملف؛
وحيث إن قرار المجلس الأعلى للقضاء الذي يترأسه رئيس الجمهورية وينوبه وزير العدل، حمل نقل وتحويل فضيلة القاضي (...) من وضعية الادعاء كعضو في النيابة العامة، التي مثلها أكثر من مرة أمام الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا في جلسات عنيت بالبت بشأن طعون بالنقض فى الملف :01/2021 غ فساد، من بينها على الأقل طعن تقدمت به هيئة الدفاع عن رئيس الجمهورية السابق محمد ولد عبد العزيز اعلي، إلى مركز رئيس للغرفة الجزائية الجنائية بمحكمة الاستئناف التي تنظر وتبت نهائيا فى الملف هو هو :01/2021 غ فساد.
وحيث إنه بذلك النقل والتحويل من الادعاء إلى رئاسة سلطة الحكم وقع الجمع بين سلطات الادعاء والحكم، على ما في ذلك من:
ا- انتهاك للدستور 
- في احترام البراءة كأصل (المادة 13/جديدة)، التي يمثل مجرد الاتهام في حد ذاته، إن لم يكن الجزم بانتفائها، فعلى أقل تقدير، التشكيك فيها.
- في المساس بحياد القاضي، الشرط اللازم لضمان نزاهة حكمه (المادة 90)؛ لتحقق الطرفية عند ممارسة الادعاء.
ب- انتهاك الصكوك الدولية
- في الحق لكل إنسان أن تنظر محكمة مستقلة ومحايدة قضيته (المادة 10) الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
- أن تكون قضيته محل نظر من محكمة مختصة مستقلة حيادية (المادة 14) العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
ج- انتهاك نصوص المسطرة الجنائية
- المادة الدستور لقانون الإجراءات الجنائية؛ التي فرضت بشكل وجوبي:" أن تضمن الإجراءات الجنائية الفصل بين السلطات المكلفة بالدعوى العمومية والسلطات المكلفة بالحكم" (المادة التمهيدية/ ق.إ.ج) 
- تعلق أسباب رد القضاة بمجرد سابقيه نظر القضية، على أساس افتراض تشكيل رأي -موضوعي طبعا -بشأنها بمناسبة ذلك النظر. فكيف إذا اقترن النظر بالطرفية!
ونفس الحال بالنسبة لنظرها كمحكم أو محام أو شاهد:
 "إذا كان القاضي قد نظر القضية المطروحة كقاض أو كان محكما أو محاميا فيها أو أدلى بأقواله كشاهد على وقائع في النزاع. " (المادة 603/ ق.إ. ج). 
لفظيا: أعضاء النيابة قضاة. وعملهم وإن تأتى النقاش بشأن عده "نظرا للقضية"، لكن حقيقة كونه محاماة عن الحق العام محسومة؛ حتى إن بعض البلاد (مصر –ليبيا...) تعتمد لرؤساء نيابات الاستئناف فيها تسمية "المحامي العام ".
الأكثر قطعية من كل ذلك هو وجود الطرفية وتحقق غياب الحياد في كل ما تقوم به النيابة، وفى قضيتنا تحديدا:
دليل التحيز ما كان من طرفية في ما تقدم من صلة بالموضوع؛ يوم مثل فضيلة القاضي (...) للنيابة العامة أمام الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا بخصوص الطعن في القرار رقم:355/2022، المقدم من هيئة دفاع محمد ولد عبد العزيز، وأحد المتهمين الآخرين في الملف، واتخذت فيه تغليبا لرأي ممثل النيابة  القائم على:" ... المطالبة برفض الطعنين وتأكيد القرار المطعون فيه ، مبررا ذلك بأن مذكرات الطعن لم تحتو على ما يستدعى نقض القرار المطعون فيه."، قرارها رقم :229/2022، بتاريخ :10-05-2022، ونفس الأمر في القرار رقم:251/2022، بتاريخ :18-05-2022، الذي مثل السيد (...) النيابة ضد طرف في الملف 001/2021؛
وحيث إنه بحسب (المادة 418/ق.إ. ج):" يقدم وكيل الجمهورية باسم القانون ما يراه لازما من طلبات مكتوبة أو شفهية لصالح العدالة."
وأن (المادة 27/ق.إ. ج) تجمل ما يجب على النيابة كجهاز مندمج تقديمه، ولا خيار بشأنه لمن يتولى تقديمه من قضاتها، وما على خلاف ذلك من ما تحفظ لهم فيه كقضاة استقلاليتهم:
- يشمل الأول تقديم:" طلبات مكتوبة طبقا للتعليمات التي أعطيت لها حسب الشروط المقررة في المادتين 30 و31 ". ولأنها كذلك فهى ليست شخصية بل يمكن القول تجوزا إنها مرفقية لا وجود فيها لاعتبار شخصي.
- أما الثاني فشاهده ما هو مضمون من حرية لقضاة النيابة أثناء المرافعات:"...تقدم بحرية الملاحظات الشفهية التي تراها ملائمة لخدمة العدالة"؛
وحيث إنه حين لا يقدم قاضي النيابة العامة ملاحظات شفهية خاصة به، فهو يتجاوز التقيد بالالتزام بتقديم الطلبات المكتوبة، إلى تبنيها؛ ما يشكل تعبيرا عن تحديد قناعته بخصوص الاتهام، وهو ما لا يسمح له بالاحتفاظ بالحياد من القضية المعروضة حين ينظرها كقاض؛
- النيابة العامة لا ترد، والعلة أن طرفيتها في الخصومة تضعها في تعارض معلن مع مصالح من تدعي عليه؛ فلا يكون من معنى لردها على أساس عدم الحيدة للتسليم بذلك. وطالما ظلت كذلك فهى لا ترد، لكن الأمر هنا مختلف: فتقلبها من الوقوف "محامي الحق العام" إلى الجلوس" قضاء الحكم " يجعلها في وضعية من يأتي على غير هيئته ويجعل تشكيلة المحكمة غير محايدة.  
د-مخالفة نصوص الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية 
- في رد القضاة "إذا سبق للقاضي أن عرف الخصومة بوصفه قاضيا أو محكما أو وكيلا أو أدى شهادة واقعة في النزاع. " (المادة 262/ ق.إ.م.ت.إ) النيابة العامة موكلة بالدفاع عن المجتمع، وهي عرفت بالخصومة واتخذت فيها موقفا صريحا عبر عنه وتنباه السيد رئيس مصدرة القرار الطعين يوما مثل النيابة أمام محكمتكم الموقرة.
ه- في قانون العقوبات 
"كل قاض أو رجل إدارة يتحيز لصالح أحد الأطراف أو ضده يرتكب جريمة الخيانة ويعاقب بالحرمان من الحقوق الوطنية " (المادة 177/ق. ع)
وحيث إنه في قرارها رقم:229/2022، بتاريخ :10/05/2022، قررت الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا، بشأن الطعن المقدم من دفاع الرئيس محمد ولد عبد العزيز في قرار غرفة الاتهام رقم :335/2022 الصادر بتاريخ:30 مارس 2022، قبوله شكلا ورفضه أصلا، وذلك في جلسة:" بحضور السيد (...) /نائب المدعي العام لدى هذه المحكمة ممثلا للنيابة العامة "، الذي طلب رفض الطعن وتأكيد استمرار إخضاع الرئيس السابق للرقابة القضائية وعدم السماح له بالسفر للخارج من أجل العلاج.
وحيث رُفض الطلب المقدم بتاريخ :15-10-2024، من دفاع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، الرامي إلى منح موكلهم إفراجا مؤقتا، لكن هذه المرة جاء الرفض من خلال الأمر رقم: 48/2024، بتاريخ :24-10-2024، عن رئيس الغرفة الجزائية الجنائية بمحكمة الاستئناف بنواكشوط الغربية فضيلة القاضي (...)، وليس بطلب منه كممثل للادعاء.
وحيث إنه لاحقا، وتحديدا بتاريخ :14-05-2025، وفى قرار حضوري نهائي، عاقبت نفس الغرفة بنفس الرئيس الذي كان مثل النيابة العامة أمام هيئتكم الموقرة، الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز من ضمن إدانات عديدة، بالسجن النافذ خمس عشرة (15) سنة.
وحيث ظهر في المشهد قبل الأخير، دفاع الرئيس السابق وهو يطعن:
-  بالنقض أمام الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا التي مثل السيد (...) النيابة العامة أمامها في الملف 001/2021
- في القرار النهائي في الملف نفسه الصادر عن الغرفة الجزائية باستئنافية نواكشوط الغربية برئاسة فضيلة القاضي (...)!
هل من صورة أوضح من كل هذ ا لمخافة القاعدة الجوهرية في الإجراءات التي تقضى بوجوب الفصل بين السلطات المكلفة بالدعوى العمومية والسلطات المكلفة بالحكم وما يتفرع عنها من احترام معايير المحاكمة العادلة!

V حول تأكيد الإدانة على أساس تهمة الإثراء غير المشروع
أوجه الطعن بالنقض: انعدام الأساس القانوني –عدم البت في وجه الطلب
حيث يعرف الإثراء غير المشروع بكونه" الحالة التي تحصل فيها زيادة على المداخيل المشروعة للموظف العمومي بحيث يعجز عن تبريرها"
وحيث إن موكلنا قد قدم دفعا جوهريا بتبرير ما عده الحكم زيادة غير مبررة في مداخيله، حيث بررت تلك الزيادة على النحو التالي:
الزيادة الأولى: بمبلغ ستة ملايين ونصف من اليورو، وقد صرح بها موكلنا في تصريح الخروج من الوظيفة:" استدعيت في مكتبي يوم الجمعة 26 يوليو 2019 رئيس المحكمة العليا من أجل التصريح بممتلكاتي وأعطيته كل المعلومات المتعلقة بها وقد عاد إلي يوم 31 يوليو مع أحد معاونيه وبيده تصريح مكتوب بخط يده ووقعت عليه وهو التصريح الموجود في الملف بخط يد رئيس المحكمة."(الحكم 001/2023/الصفحة 67) 
ورغم ذلك نجد الحكم الابتدائي في الصفحة 81 يسطر:" حيث إن المتهم لم يصرح بهذه الأموال للجنة الشفافية رغم كونها زيادة معتبرة طرأت على ذمته المالية أثناء توليه وظيفته" 
الزيادة الثانية: وتوصل بها موكلنا بعد انتهاء مأموريته كما روى أمام المحكمة (الحكم الابتدائي /الصفحة 67):" ففي يوم 2 أغشت 2019 جرى اتصال بيني والرئيس الحالي وقلت له أن يتناول العشاء معي وجاءني في المنزل وكانت معه حقيبتان إحداهما بيضاء فيها 5 مليون يورو من فئة 200 وأخرى رمادية وفيها 5.5 مليون دولار وهي من فئات قديمة وقد استلمت منه هذا المبلغ وهو يمثل نسبة 60 إلى 70 % من أموالي التي لم يتضمنها التصريح. لأن هذا الأمر تم بعد التصريح. وبخصوص السيارات والتي سأل عنها أحد المحامين وبإلحاح أقول إنه جاءني وزير النفط السابق محمد ولد عبد الفتاح ...وقد أبلغني هذا الوزير أن الرئيس الحالي أمره أن يسلمني 50 سيارة منها. وأرسلها لي فعلا."
وهي كسابقتها رغم التصريح بها أمام المحكمة لم تؤخذ في عين الاعتبار؛
وحيث يعنى ذلك أن إدانة موكلنا بتلك الجريمة جاء دون أساس قانوني؛
وحيث إن المحكمة وقدم أمامها هذا الدفع الجوهري بتبرير الزيادة محل المساءلة لم يكن لها أن تصادره قبل أن تحسم أمره بتحقيق تجريه بنفسها أو أن ترد عليه بما يدحضه، ما يمثل امتناعا صريحا عن البت في وجه الطلب.

VI حول الإدانة على أساس تهمة غسل الأموال
أوجه الطعن بالنقض: الخطأ في تطبيق القانون- مخالفة القانون (تطبيقه بأثر رجعي)
ا-الإدانة على نفس الفعل بعقوبتين مختلفتين:
حيث إن تأكيد الحكم الابتدائي في إدانته لموكلنا بارتكاب جريمة غسل الأموال، يمنع القرار إدانته بجريمة إخفاء العائدات الإجرامية؛ ذلك أن الإخفاء في قانون مكافحة الفساد هو الغسل في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كما يظهر من خلال تأسيس الحكم والقرار على نفس الوقائع للإدانة بالجريمتين:
- أسس الحكم الابتدائي الإدانة بجريمة غسل الأموال على الوقائع التالية: "إيداع الأموال المتحصل عليها من جريمة الإثراء غير المشروع لدى أشخاص طبيعيين ثم حولها إلى عقارات وسيارات (بناء عمارة المصحة، وشراء سيارات التبريد) فيكون بذلك قد قام بإخفاء المصدر غير المشروع للأموال." (الحكم 001-2023/ص 81)
- وجاء تأسيس القرار الطعين للإدانة بجريمة الإخفاء على نفس التأسيسات :" يتبين ضعف الأساس الذى بنى عليه الحكم المستأنف تبرئة المتهم من ارتكاب جريمة إخفاء العائدات الإجرامية لأن الوقائع المتعددة المثبتة في وثائق الملف وفى اعترافاته أمام المحكمة وكذلك في شهادات الشهود المتعددة تصب جميعها في مجرى إثبات ارتكاب المتهم لجريمة إخفاء العائدات الإجرامية بوسائل وطرق مختلفة منها إيداع مليارات الأوقية لدى أشخاص مثلوا أمام المحكمة وصرحوا بحضوره بذلك، إضافة إلى اعتراف المتهم نفسه ، فضلا عن قيام الأدلة القوية على استثمار المتهم لأموال ضخمة في بناء عمارة في قطعة أرضية مقتطعة من عقار الملعب الأولمبي."(الصفحة 61)
ب-سبق الوقائع للتجريم: 
حيث إن الفقرة في (المادة 2) من القانون: 2019-017، بتاريخ :20 فبراير 2019، المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي أسس عليها القرار الطعين إدانة موكلنا باقتراف جريمة غسل الأموال، ونصها:" ولا تحول معاقبة مرتكب الجريمة الأصلية دون معاقبته عن أي جريمة أخرى من جرائم غسل الأموال"، جاءت لا حقة على وقائع من قبيل:" إيداع مليارات الأوقية لدى أشخاص واستثمار أموال ضخمة في بناء عمارة في قطعة أرضية مقتطعة من عقار الملعب الأولمبي"؛
وحيث إن نسخة القانون التى كانت نافذة وقتها جسدها: القانون رقم: 2016 - 013 المتضمن تعديل بعض أحكام القانون رقم: 2005/048، الصادر بتاريخ: 27 يوليو2005، والمتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وهو لم يبوب فيها على اتحاد صفة الجاني في الجريمة الأصلية وجريمة غسل الأموال (الغسل الذاتي)؛ حتى أنه لا يربط المتابعة على ارتكاب جرائم غسل الأموال بوجود متابعة من عدمها في حق مقترف الجريمة الأصلية:" يقصد بجرائم غسل الأموال بمفهوم هذا القانون، حتى وإن لم يكن مرتكب الجريمة الأصلية موضع ملاحقة أو إدانة..." (المادة 2 /جديدة)؛
وتأكيدا لذات المعنى نجد أن هذا القانون: 2016 – 013 وهو يقدم تعريفه لغسل الأموال، في نفس المادة، لا يورد فقرة:" ولا تحول معاقبة مرتكب الجريمة الأصلية دون معاقبته عن أي جريمة أخرى من جرائم غسل الأموال"، وهي الفقرة التي أسس عليها الحكم إدانة موكلنا بغسل الأموال بعد أن تضمنتها (المادة 2) في صيغتها الجديدة ضمن القانون: 2019-017، بعد أن كانت صيغتها القديمة في القانون:2016-013 قد اقتصرت حين تعديد تلك الجرائم على أنها تشمل:" ما يلي:
أ. صرف أو تحويل أو تداول أية أموال أو بضائع ناتجة عن أي جناية أو جنحة تهدف إلى إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لتلك الأموال أو البضائع أو إلى مساعدة أي شخص متورط في الإفلات من التبعات القانونية لأفعاله؛ 
ب. إخفاء أو تمويه طبيعة أو مصدر أو مكان أو ترتيب أو حركة أو امتلاك أية أموال أو بضائع ناتجة عن أي جناية أو جنحة؛
ج. اقتناء أو حيازة واستخدام أو غسل أية أموال أو بضائع من طرف شخص يعرف أو يشك أن هذه البضائع ناتجة عن جناية أو جنحة. 
يمكن استخلاص عنصر العمد بوصفه عنصرا من عناصر جريمة غسل الأموال، من الظروف الواقعية والموضوعية."
وحيث إن المبدأ القار في تحديد تاريخ سريان القوانين يقوم على اعتماد عدم الرجعية؛ المضمن في أغلب النصوص القانونية:
" ليس للقانون أثر رجعي ولا يسري مفعوله إلا على المستقبل ولا يلغى إلا بنص قانوني" (المادة 2/ قانون الالتزامات والعقود).
كما تنص (المادة 4 / قانون العقوبات) على أنه: "لا عقوبة على المخالفة أو الجنحة أو الجناية إلا بمقتضى نص قانوني سابق على ارتكابها"
حيث إنه حتى مع اعتماد معاقبة الغسل الذاتي في (المادة 2) كما وردت في القانون:2019-017، فإنها لم تعمد إلى استخدام الصيغة المعتمدة في تقرير العقاب: يعاقب الفاعل في الجريمة الأصلية على ما يرتكبه من جرائم غسل الأموال. بل عمدت إلى تقرير تلك المعاقبة على سبيل الاحتمال لا الإلزام؛ "لا تحول معاقبة الفاعل في الجريمة الأصلية دون معاقبته على جريمة من جرائم غسل الأموال."
حيث إن اعتماد المعاقبة على الغسل الذاتي متفهمة مبدئيا في إطار قانون يعنى بمحاربة الإرهاب من خلال معاقبة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فيكون احتمال عدم معاقبة الفاعل عليها أو معاقبته متوقف على الغاية من وراء ذلك الغسل:
-هل يكون مقدمة لتوظيف إجرامي جديد لتلك الأموال؛ فيكون العقاب على الغسل الذاتي.
-أم أن الغسل تصرف سعي من ورائه لمجرد شرعنة وضعية الحيازة، فيكتفي بالمعاقبة على الجرم الأصلي.
حيث يتفرع عن التأصيل السابق أن المعاقبة على متحصلات الجرائم المسطرة في قانون مكافحة الفساد بعقوبات مقررة في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ليس مناسبا:
كون فريق النيابة العامة لمكافحة الفساد ينحصر تكليفه بمتابعة الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم: 2016-014، بتاريخ :15 إبريل 2016، المتعلق بمكافحة الفساد (المادة 31). وليس من بينها غسل الأموال.
لا يؤثر في ذلك ما ورد في (المادة 33) من إنشاء محكمة ابتدائية مختصة "في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وتلك المرتبطة بها والتي لا يمكن فصلها عنها"؛ ذلك أن جريمة غسل الأموال مستقلة حتى عن الجريمة الأصلية (المادة 3/ القانون 2019-017)، فتخرج بذلك عن دائرة الارتباط بجرائم الفساد وعدم قابلية الفصل عنها. وبه يفترض أن تخرج عن اختصاص المحكمة المختصة بالجرائم المتعلقة بالفساد.

"يجوز للمحكمة العليا أن تثير من تلقاء نفسها الأوجه السابقة الذكر"