
من ضفاف بحيرة "مال"... ميلاد أملٍ أخضر في قلب الجنوب الموريتاني
على ضفاف بحيرة "مال" الهادئة، حيث يعانق الماء الخضرة وتتنفس الأرض عبق الحياة، شهدت ولاية لبراكنه صباح اليوم الجمعة لحظةً مفصلية، تمثلت في إعطاء الانطلاقة الرسمية لمشروع التسيير المندمج للمناطق الرطبة، تحت إشراف الأمين العام لوزارة البيئة والتنمية المستدامة، السيد مولاي إبراهيم ولد مولاي إبراهيم، وبحضور لفيف من كبار المسؤولين والمنتخبين والشركاء الفنيين والماليين يتقدمهم المدير العام للوكالة الوطنية للسور الأخضر الكبير.
في مشهد يعبق بالرمزية، اختارت الجهات المنفذة أن تكون بحيرة "مال" مهد الانطلاق، في تجسيد حي للصلة الوثيقة بين الأرض والإنسان والماء، ضمن مشروع طموح يمتد لخمس سنوات بتمويل من صندوق البيئة العالمي، وتبلغ قيمته 5.3 مليون دولار أمريكي. يُنفذ المشروع بإشراف الوكالة الوطنية للسور الأخضر الكبير، بالشراكة مع الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، ويستهدف مناطق رطبة في مال وجلوار بولاية لبراكنه، وكركورو عبر بلديتي بولي وأشليخة في كيدي ماغه، بهدف صون التنوع البيولوجي واستعادة النظم الإيكولوجية المتدهورة.
عمدة بلدية مال، السيد عيسى ولد بوحمادي، عبّر في كلمته الترحيبية عن فخر الساكنة باحتضان هذا المشروع الرائد، واصفاً إياه بفرصة تاريخية لتعزيز التنمية المحلية وتحسين ظروف العيش، مثمّناً جهود وزارة البيئة والوكالة والشركاء في دعم هذه المناطق الهشة، وإبراز دورها البيئي والاجتماعي.
من جانبه، أكد ممثل الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، السيد البشير نجاة، أن المشروع يجسد التزام الاتحاد العميق بمساندة الجهود الوطنية لحماية الموارد الطبيعية ودعم المجتمعات القاطنة حولها، مشيراً إلى أن التعاون مع الوكالة الوطنية للسور الأخضر الكبير يفتح آفاقاً واعدة لتبادل الخبرات وتوسيع دائرة الأثر التنموي والبيئي.
وفي كلمته الرسمية، أكد الأمين العام للوزارة أن هذا المشروع يأتي ترجمة فعلية لرؤية رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، ضمن برنامجه الطموح "طموحي للوطن"، كما يعكس أولويات الحكومة بقيادة معالي الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي، في مجال العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة. وأوضح أن المشروع يشكل رافعة حقيقية لتحسين الأمن الغذائي، وتعزيز التوازن البيئي، ورفع مستوى دخل الفئات الهشة، وخاصة النساء والشباب في المناطق المستهدفة.
نائب رئيس جهة لبراكنه ديجة بنت أحويبيب شددت على أهمية المشروع باعتباره الأول من نوعه الموجّه للمناطق الرطبة، مؤكداً دعم الجهة الكامل لإنجاحه وتيسير استفادة السكان منه.
أما المدير العام للوكالة الوطنية للسور الأخضر الكبير، السيد سيدنا ولد أحمد اعل، فقد أشار إلى أن المشروع سيسهم في استعادة الأراضي المتدهورة، وتحسين الإنتاج الزراعي والرعوي، إلى جانب دعم مبادرات محلية مدرّة للدخل، وإنجاز دراسات علمية تمهّد لتصنيف هذه المناطق ضمن اتفاقية “رامسار” الدولية.
وقد تخلل الحفل كلمات لممثلي المنظمات غير الحكومية الشريكة، وإطلاق أنشطة ميدانية شملت توزيع معدات زراعية على المزارعين المحليين، في خطوة رمزية تؤذن بانطلاق العمل الميداني وتحقيق الأثر المرجو.
من "مال" بدأت الحكاية... حكاية بيئة تُرمم، وأرض تُحيى، وأمل يُزرع في قلب الجنوب، حيث الماء مرآة السماء، والناس حراس النبع والظل.





































































