
تعودنا من الأنظمة السابقة أن يُخَصص يومٌ واحدٌ للتدشينات بالجملة، ويكون ذلك اليوم في العادة هو اليوم المخلد لذكرى عيد الاستقلال الوطني، ولكن يبدو أن الرئيس غزواني قد شذَّ عن هذا العرف الرئاسي، فأصبح يدشن المشاريع الكبرى بالجملة، وفي أيام عادية لا تحمل أي دلالة وطنية، وكمثال على ذلك، وحتى لا تذهبوا بعيدا، وخوفا من أن تكون ذاكرة بعضكم ضعيفة، فسنكتفي بالعودة إلى يوم الخميس الماضي، الموافق 08 مايو 2025، ففي هذا اليوم أشرف الرئيس غزواني على تدشين:
1 ـ المقر الجديد للمدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، والذي يضم 24 قاعة دراسية، و36 مكتبا إداريا، ومكتبة كبرى، ومدرجين يحتوي كل واحد منهما على قاعة للمحاضرات، ومختبرا سمعيا بصريا، وآخر للغات، وقاعة للاجتماعات، وأخرى للمعلوماتية، وإقامة دائمة للطلاب، ومسجدا، ومِصحة طبية، ومطعما مكتملا؛
2 ـ مركز نواكشوط للبيانات، وهو الأول من نوعه، وبأعلى المعايير الدولية، وسيمكن هذا المركز من تخزين ومعالجة وحماية البيانات السيادية، وسيوفر خدمات رقمية مؤمنة للقطاع العام والخاص، كما أنه سيشكل خطوة جادة في اتجاه بناء اقتصاد معرفي، قد تُساعد مستقبلا في انضمام بلادنا لنادي الدول الرقمية الصاعدة.
لستُ بحاجة للتذكير هنا بأن المواطن الموريتاني قد أصبح بإمكانه أن يحصل على العديد من الوثائق الرسمية، وأن يُبَلغ ويشكو من خلال هاتفه، وللتذكير، فإن هذا التطور الحاصل في مجال الرقمنة، قد أصبح محل إشادة من طرف حكومات بعض الدول المجاورة؛
3 ـ تدشين مقر المعهد العالي للرقمنة بثلاثة مدرجات وجناحين إداري وتعليمي ومكتبة، ومختبر، وقاعة للمعلوماتية، وقاعات دراسية، ومصلى، وقاعة للطعام..إلخ؛
4 ـ وضع حجر الأساس للمركز الوطني لنقل الدم ببنية تحتية مصممة لكل الأنشطة المرتبطة بنقل الدم؛
5 ـ افتتاح المعرض والمتحف الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية في موريتانيا.
أربعة مشاريع كبرى تم تدشينها مع وضع حجر الأساس لمشروع خامس، يوم الخميس الماضي، فماذا عن يوم الخميس هذا؟
في يوم الخميس هذا، تم تدشين أربعة مشاريع أخرى ذات أهمية كبيرة:
6 ـ جسر الصداقة، وهو جسر في غاية الأهمية، ويعدُّ ثالث جسر يشيده الرئيس غزواني في عاصمة لم تكن تعرف من قبل أي شيء عن الجسور؛
7 ـ إطلاق 62 حافلة مركبة ( من المصنع إلى شوارع نواكشوط)؛
8 ـ تدشين مقر شركة النقل العمومي؛
9 ـ تدشين 20 كلم بعرض 24 م (محور جسر الصداقة ـ الرياض، ومحور جسر الصداقة ـ توجنين)، وسيكون هناك مستقبلا محور ثالث بنفس المواصفات من جسر الصداقة إلى ملتقى طرق البراد في تفرغ زينه (31 كلم).
أهم ما في هذه التدشينات التي تدخل في إطار مشروع حركية نواكشوط في أفق 2026، والتي سينضاف لها مستقبلا الطريق الدائري بنواكشوط، هو أنها ستساهم في حل مشكلة كبرى، طالما أرقت سكان العاصمة ألا وهي مشكلة النقل، كما أنها ستساهم في التقليل من زحمة السير، هذا فضلا عن كونها ستعطي مظهرا حضريا للعاصمة نواكشوط، وهو مظهر كانت العاصمة في أمس الحاجة إليه.
خلاصة القول: لقد عرفت العاصمة نواكشوط، وخلال أسبوع واحد من الخميس 8 مايو إلى الخميس 15 مايو 2025 ، تدشين حزمة من المشاريع الكبرى ذات الأهمية القصوى، ولكن هذه المشاريع لم تجد ما تستحق من التسويق الإعلامي، ويعود ذلك إلى ضعف أداء الذراع الإعلامي للنظام، كما يعود كذلك إلى ظاهرة التدشين بالجملة، فلو أن هذه التدشينات تم تقسيطها تدشينا تدشينا، فلربما حظيت بتقسيط في التفاعل، قد يكون في مجمله أقوى من التفاعل الذي حظيت به هذه المشاريع عندما دُشنت بالجملة دفعة واحدة، وفي يوم واحد.
كتبه متابع لمشروع حركية نواكشوط.
الخميس 15 مايو 2025.