تعديل وزاري في ثوب استقالة الحكومة

أربعاء, 30/03/2022 - 16:55

الوزير الأول يكون مجبرا بحكم القانون على تقديم استقالته في مناسبات محددة :

ــ إثر انتخاب برلمان جديد وبداية ممارسته لمهامه

ــ  بالإضافة إلى حالتي التصويت المناوئ أو على ملتمس رقابة من أعضاء الجمعية الوطنية . 

هذه هي حالات الاستقالة المبوب عليها في الدستور .

الصورة الثانية للاستقالة تعود لعامل ذاتي وهي قرار الوزير الأول بالاستقالة .

الحالة الثالثة هي  الإقالة وهي لرئيس الجمهورية الذي هو جهة التعيين أصلا .

في حالات الاستقالة الإلزامية التي يقدمها الوزير الأول بحكم القانون لا بإرادته يتصور أن يعيد رئيس الجمهورية تكليف نفس الوزير الأول بتشكيل حكومة جديدة ، أما في حالة الاستقالة الطوعية التي هي بإرادة الوزير الأول فنكون أمام أمرين : 

ــ قبول الاستقالة ويترتب عليه تلقائيا انتهاء مهام الوزير الأول .

ــ  أو استمرار الوزير الأول في مزاولة مهامه حالة رفض الرئيس للاستقالة وقبول الوزير الأول الرجوع عن تلك الاستقالة . 

وفي كل الأحوال تبقى الحكومة المستقيلة تمارس تسيير الأعمال الجارية إلى أن يعين رئيس الجمهورية وزيرا أول وحكومة جديدين .

ما حصل بالأمس ليس االاستقالة المقررة بحكم القانون وليس استقالة بحكم الإرادة الذاتية للوزير الأول ، كما أنه من العبث بمكان أن يكون إقالة لأن الإقالة تفترض مبررات مؤكد أنها لم تنتف ما بين قرار الإقالة وأمر التكليف الجديد ، لذلك يجب أن يبحث عن تفسير ما تم خارج إطار الترتيبات القانونية والمنطق السياسي الطبيعي ، والرجوع إلى المسحة الأخلاقية التي طبعت تصرف رئيس الجمهورية ، والتي دفعت إلى عدم اعتماد طريقة التعديل الوزاري ، حين التخلص من بعض الوزراء الوازنين الذين يتحرج من إعلان تغييرهم بشكل اسمي ، ما اقتضى اللجوء إلى اختيار أسلوب استقالة الحكومة كلا ليتم إبدالهم بآخرين في غمرة استقالة الحكومة .

ما تم بالأمس إذن من تقديم الحكومة لاستقالتها لم تكن من حاجة إليه، لأن الأمر لا يتعدى التوجه لتعديل حكومي عادي ، لولا أن من بين المغادرين من أعضاء تلك الحكومة من لا يرغب في إعلان إقالته بمراسيم فردية . 

أو لتشتيت الانتباه  عن تطعيم التشكيلة الجديدة   بشخصيات  يعتبرها الرأي العام - صدقا أو تحاملا- رموزا  للفساد أو لحقبة يتبرأ الجميع من الانتماء لها ، ويعد تحقيق قطيعة تامة معها  بالنسبة للعديد من القوى الحية  شرطا  لازما  لأي تغير جدي.