الحقيقة أن برام ولد الداه ولد اعبيد ملأ دنيا موريتانيا وشغل ناسها، ورغم اختلاف المواقف السياسية منه فإنه صنع لنفسه موقعا سياسيا كبيرا تجلى في تنامي مناصريه وتربعه على عرش أهم شخصية سياسية من شريحة الحراطين المناوئين للاسترقاق والتهميش الطبقي .
سياسة المقاطعة، أو المقعد الشاغر، سياسة فاشلة، لكن ليس أكثر فشلا منها سوى سياسة الانسحاب الاستعراضي، وهو أسلوب يلجأ إليه عادة بعض السياسيين المنسيين، من أجل لفت الانتباه إليهم، وتسجيل موقف نشاز، يجعلهم عرضة لبريق الإعلام، باعتبار أن الصحافة تبحث عن الإثارة، والأمور المخالفة للسياق العام، حيث يعمد هؤلاء إلى الحضور، ثم الانسحاب، تحت حجج مختلفة.
في السنة الماضية كتبت مقالا بعنوان : " التربية الإسلامية بين المعامل الهزيل والزمن القليل " ـ أرجو من الله العلي القديرأن يكون في ميزان حسناتي ، وأن تتحقق الفائدة من مضامينه ـ وقد ذكرت في مقدمته ان كل مجتمع يدين بعقيدة معينة ، ينبغي أن تكون له نظريته التربوية الخاصة به ، لأن التربية لا تستعار ولا تستورد، بل هي ذات صلة وثيقة بعقيدة المجتمع ومبادئه التي يؤمن بها ، ولا يستطيع أي مجتمع أن يتبني النظرية التربوية لمجتمع آخر دون أن يتخلى عن جزء من عقيدته
ذكرني تعامل بعض الساسة والإعلاميين المحسوبين سياسيا على المعارضة مع قضية الوثائق الأمريكية، بالسياسة الارتجالية وغير الموضوعية دائما ودوما للمعارضة الموريتانية، فبعد أن فشلت في تحويل شائعاتها المزيفة إلى شائعات قابلة للتصديق عقلا ونقلا، وبعد عجزها عن تحقيق مطالبها الوهمية المتعلقة بالرحيل تارة والانسحاب تارة أخرى، يبدوا أنها عازمة إلى الانتقال إلى مرحلة تصديق الوثائق المسربة الأكثر تزييفا وخرافة، والأكثر خبثا وضررا على سمعة الوطن وكرامته .
كيف نتعامل كإعلاميين أو ساسة مع قضية طرفها الأول الوطن وفي الجانب الثاني يقف الإرهاب؟ سؤال تردد في ذهني أكثر من مرة في مناسبات مختلفة ليتجدد بعد مطالعتي للخبر الذي نشرت وكالة "رويترز" أمس حول تخطيط قادة القاعدة (التنظيم الأم) لإبرام اتفاق سلام مع موريتانيا خلال سنة 2010 نيابة عن فرعها (القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي) وازداد إلحاح السؤال بعد متابعتي لجملة من التعليقات التي تناولت القضية.
فى الآونة الأخيرة، حفل الإعلام الرسمي الموريتاني وبعض المواقع والصفحات الشخصية بما قُدِّمَ للرأي العام باعتباره "نجاحات دبلوماسية غير مسبوقة" حققها نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
وفى سياقا اجترار هذه المغالطات بمناسبة وبغير مناسبة، طالعت عنوانا عجيبا يقول:(( ولد عبد العزيز يقود أول حراك إفريقي لمواجهة المأمورية الثالثة))، فى إشارة إلى سفر الرئيس الأخير إلى جمهورية بوروندي.